السلام عليكم ورحمه الله وبركاته ..
الوالدين .. لن نشعر بقيمتهما إلا بفقدهما .. وانظري إلى حالك لو سافرت امك وطال سفرها او أبيك ..
يقال أ نه كان هناك ملك عادل ، ليس له ذرية إلا بنت واحدة ، وقد كبر في السن وخشي على نفسه الموت ، وان يكون شعبه بدون خليفة بعده .
فكر وفكر .. ثم أمر وزير الإعلام ( أي المنادي في ذلك الوقت ) أن يمشي في الأسواق وشوارع القرية ينادي : من سيحضر أغلى ما يملك فسيعود بما احضره و بنت الخليفة زوجة له .. وسيكون خليفة بعده ..
اجتهد الناس في إحضار الغالي والنفيس من الأموال ، فهذا يحضر الذهب ، وهذا يحضر الألماس .. وهذا يحضر كل ما يملك لعله ينال هذا الشرف العظيم ..
وكان الملك يقول : لم تحضروا لي أغلى ما تملكون .. عرف أن أمورهم دنيوية ، وان هؤلاء لا يصلحون للملك بعده .. لحبهم هذه الماديات ..
وفي يوم دخل عليه حطاب ، وعلى ظهره أمه العجوز يريد مقابلة الملك .. فرده الحرس .. وحاول الدخول حتى سمع الملك ذلك .. فأمر بإدخاله ..
ولما وقف أمام الملك وسلم عليه لم ينزل أمه من على ظهره .. بل بقيت على ظهره .. وهو يحدثه ويقول : أيها الملك هذا أغلى ما أملك .. إنها أمي .. لو بحثت عن غيرها في هذا الوجود لن أجد أيها الملك .. من لي بأم مثل أمي .. لن أجد والله ..
إبتسم الملك فرحا بأن وجد الرجل الحكيم .. الذي غلبت بساطته على قلبه وعرف أنه سيكون رحيما بشعبه .. لرحمته لأمه .. فمن ذاق طعم العطف والشفقة .. لابد أن يعطيها غيره .. ومن هذه أخلاقه مع أمه العجوز وبره بها سيكون مع غيرها ..
فزوج الملك ابنته لهذا الشاب الحطاب .. وعاش معه في القصر .. وصار خلفية من بعده ..
قال تعالى في كتابه : "وقضى ربك إلاَّ تعبدوا إلاّ أيَّاه وبالوالدين إحساناً" ...
فيا من تريدين الجنة .. عليك ببر والديك .. في حياتهما وبعد مماتهما ..
إن بر الوالدين مقدم على الجهاد في سبيل الله عز وجل : عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال : ( أقبل رجل إلى النبي فقال أبايعك على الهجرة والجهاد أبتغي الأجر من الله تعالى، فقال : { هل من والديك أحد حي؟ } قال: نعم بل كلاهما. قال: { فتبتغي الأجر من الله تعالى؟ } قال: نعم. قال : { فارجع فأحسن صحبتهما } ) [متفق عليه] وهذا لفظ مسلم وفي رواية لهما : { جاء رجل فاستأذنه في الجهاد، فقال : أحي والداك ؟ قال : نعم. قال : ففيهما فجاهد }.
واعلمي أن رضا الرب في رضا الوالدين : عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { رضا الرب في رضا الوالدين، وسخط الرب في سخط الوالدين } [رواه الترمذي وصححه ابن حبان والحاكم].
واحذري من عقوقهما .. فإنها من الكبائر الموجبة للنار ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قلنا بلى يا رسول الله، قال : الإشراك بالله ، وعقوق الوالدين. وكان متكئاً وجلس فقال : ألا وقول الزور وشهادة الزور ، فما زال يرددها حتى قلنا ليته سكت }.
وبر الوالدين لا يقتصر على فترة حياتهما بل يمتد إلى ما بعد مماتهما ويتسع ليشمل ذوي الأرحام وأصدقاء الوالدين ؛ {جاء رجل من بني سلمة فقال : يا رسول الله . هل بقي من بر أبواي شيء أبرهما بعد موتهما؟ قال : نعم ، الصلاة عليهما ، والاستغفار لهما ، وإنفاذ عهدهما بعدهما ، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما ، وإكرام صديقهما} [رواه أبو داود والبيهقي].
ويمكن الحصول على البر بعد الموت بالدعاء لهما. قال الإمام أحمد : ( من دعا لهما في التحيات في الصلوات الخمس فقد برهما. ومن الأفضل : أن يتصدق الصدقة ويحتسب نصف أجرها لوالديه ).
بارك الله فيكم .. ومثل ماتحبون من أولادكم أن يبروا بكم ويحسنوا إليكم .. فكذلك والديكما .. فلا تتأخروا في برهما والإحسان إليهما .. ولن يحس بنعمتهما إلا من فقدهما .. نسأل الله أن يبارك في الجميع ..
اللهم ارحم والداى واسكنهم فسيح جناتك وارحم اموات المسلمين
اللهم امين