هل نحن شعب طائفى؟.. طوابير"هجرة الأقباط" أمام السفارات الأجنبية فى القاهرة.. وتفاصيل الحرب السرية بين القساوسة وأمن الدولة
نقلاً عن العدد الإسبوعى
يفخر المصريون طوال تاريخهم العريض بأنهم أصحاب الأرض التى استطاعت أن تستوعب الجميع وتخلط المختلفين وتمزجهم بترابها وماء نيلها لتخلق منهم شخصية جديدة تماما هى الشخصية المصرية التى يصنفها علماء الاجتماع على أنها فريدة وغريبة ومدهشة ومحيرة فى نفس الوقت، فلقد تاه العلماء بين تقديسها للحزن والموت منذ الفراعنة وغرقها فى بحر النكت والإفيهات والضحك طوال الوقت، فلم تفلح الدراسات فى معرفة متى تثور أو تغضب أو لماذا؟ ولم تفلح الأبحاث فى تحديد سر تحول طبقة عريضة تنتمى لتلك الشخصية المصرية من قلوب قادرة على استيعاب الجميع حتى ولو كان يهوديا، إلى قلوب تتعامل مع الآخر بحذر وتوجس وخوف وأحيانا غضب، من قلوب تملؤها السماحة تجاه الآخر المختلف إلى قلوب تجد فى الآخر المختلف عبئا وضيفا ثقيلا لايستحق إلا معاملة مواطنى الدرجة الثانية؟.
حينما تسترجع ما ورد فى كتب التاريخ من قصص وحكايات عن الوحدة المصرية وحالة الاندماج الفريدة بين الأغلبية المسلمة والأقلية المسيحية، لابد أن تندهش وتستنكر ما تشاهده الآن من حوادث ومعارك وفتن تشتعل بسبب سور كنيسة أو تصريح غير مسؤول لرجل دين غير فاهم، أو إسلام فتاة من هنا أو تنصر شابة من هناك، حينما تشاهد كل هذه الدماء التى تسيل فى معارك تدور فى ظل الهلال والصليب بعد أن كانت الدماء بصليبها وهلالها تسيل فى معارك يظللها علم مصر لابد أن تقف وتسأل عما حدث للمصريين؟ هل تغيروا فجأة؟ هل تحولوا من خيوط تنسج ثوبا واحدا إلى سكاكين تمزق فى لحوم بعضها؟ حينما تتابع شريط الأحداث الطائفية الأخيرة بداية من الكشح ومرورا بنجع حمادى وحادثة المنيا التى اشتعلت بسبب «فتاة ليل» فضلت النوم مع مسلم على مسيحى، وانتهاء بمظاهرات أسلمة أو تنصير كاميليا وغيرها وحادث الإسكندرية الأخير لابد أن تقف وتسأل هل أصبح المصريون فجأة شعبا طائفيا ؟ أم أنه كان كذلك طوال الوقت وكانت عيون المراقبين أضعف من أن ترى عيوبه؟ أم أنه تحول تدريجيا وبفعل فاعلين نجحوا فى نثر بذور التعصب فى ضواحى هذا الوطن من شعب متسامح إلى شعب طائفى وعنصرى؟.
الصورة المختلفة والمتناقضة لعلاقات المسيحيين بالمسلمين والعكس تضيف إلى حيرة تلك الأسئلة حيرة أخرى عن هذا الشعب الذى يتقاتل الآلاف منه فى مظاهرة من أجل فتاة لا يعرف أحد إن كانت خرجت لتعلن إسلامها أم هربت مع حبيب مجهول، بينما يسير العشرات الآخرون مسلمين ومسيحيين عائلات وفرادى كتفهم فى كتف بعض يضحكون ويبتسمون ويأكلون من طبق واحد ويشكون من نفس الهم، كل هذه الصور المتناقضة تجعل السؤال حتميا وتجعل الإجابة عنه تستدعى كل هذه السطور التى تبحث عن الحقيقة وراء السؤال القائل: هل نحن فعلا شعب طائفى أم أننا نتحامل على أنفسنا أكثر من اللازم.؟