لحظة....فراق
أتذكر نفسي طفلة،أردّد وراء أمي الدّعوات،وكيف كانت تحدثني عن الملاك الحارس،الذي يحمي
الأرواح الانسانية ويكافح الشر دائما"،،،كانت تشير الى النجوم قائلة : أنها عيون الملائكة الالهية
التي تراقب العالم،وتحصي أعمال الناس الخيّرة والشريرة..
ليتني أستطيع أن أؤمن بهذا الآن !!!لقد ضاعت معتقدات الطفولة
وضاعت معها أجمل سنين عمري..
ضاعت أحلامي ،وتبددت أمنياتي
ووقعت رهينة الواقع الذي لا يرحم !!!
ولكنه واقع يتطلّب أن نرضى به،ونسلك طرقه،نخوض متاهاته،وأحيانا نتعارك معه...
لحظة الفراق،كانت احدى صفعات القدر.
خلفت دهشة محمّلة بالوجع والوخز،أوقفت التنفس لعدة لحظات والحياة لسنة كاملة...
في موقف كهذا ... لا نملك سوى الوقوف، والنظر كجمهور مذهول، لغرابة العرض أمامه ،،
محاولين تفسير كيف أن كلمة واحدة في برهة واحدة ،تدحرجنا أعمق مسافات الخيبة والخذلان!!
تمحو موسيقا السعادة ولذة اللحظات التي عشناها...
متى نتعلم كيف نخيط جراحنا،أن نكتم نداءها
نتعلم أن ننسى أن في داخلنا -طفل يبكي وآخر يصرخ ،ثالث ميت،رابع ينزف والخامس مكتوف اليدين-
قبل تلك اللحظة -التي تعد حدا فاصلا بين عصرين-كنت أحسد نفسي على ما أملك ،كنت أظن أن حياتي سهلة
وأن البهجة والسرور سيغمرونها طوال ما أنا على قيد الحياة!
ولكن ....ما الجديد الصحيح الذي تعلمته؟؟؟؟
تعلمت أن البسمة تقتضي وجودالدمعة..
تعلمت أن البسمة والدمعة شقيقتان ولدتا من بطن الدنيا..
وتتكاتفان لبناء أسس وتفاصيل الكون..
فهما روحين في جسد واحد،نبضين في قلب واحد...
يحركان ذرات الأحاسيس واختلاجات العواطف في صدورنا وانفاسنا...
فلولاهما - لما استطعت أن أفكر يوما بواقعية أكثر،وبادراك أكبر
ولما كانت الحياة حياة...بل ركودا وحلما
فما دام الانسان يحب ويستمتع ويتعذب وينفعل ويناضل من أجل قضية ../فهذا يعني أنه يعيش/
ووحدهما -يصقلان عقولنا ويطهران أرواحنا
ويجعلاننا نواجه الآخرين ونواجه ذواتنا ونزواتنا
مرت سنة ،على تلك اللحظة
جفت المآقي،وذابت العيون
بين أحضان الشهقة الأولى ...وبحتها
صاعقة تلوى الأخرى،نزلت كحمة على جسدي
اتخذت الحزن ملجأ
التففت بالدموع معطفا ،وسلكت زقاقات الحرمان
تعطشت الى الدفء،وتجوعت الى الحنان
حان الوقت لأريح أذني من صراخات صمتي
لأخرج من احساس يتمي
مرت سنة،على لحظة الفراق
كنت أظن أنني أستطيع تخطي الفراغ الذي تركته لحظة الفراق
كنت أظن أنني أقوى من أن تهز كياني .. لحظة فراق
خذلتني دموعي...فأفرغت كل مالدي...من جروح وتقرحات السنين..
هبت النيران،وأخذت تكوي كل ما يقع في طريقها
خرجت المهل، التي تجمعت في براكين الدم، من ثقوب الروح
التي كنت أفعل المستحيل لأنسى مكان خزانة مفاتيح أبوابها..
أنسى!!؟؟؟
هل بالفعل نستطيع أن ننسى؟؟!!
اذا أردنا أن نسلك طريق النسيان
فعلينا أن ننكر ذاتنا...أن ننكر ماضينا
أن نمحو الشريط السابق من سجلات التفقد
أن نسحق كل دليل على صلتنا بذاكرة الأيام
قبل ...لحظة الفراق
لم أكن أدري،أنني عندما أتعلق بحبال دعائم أعمدة قلبي
أعلّق حبل مشنقتي بيدي
لم أكن أدري ،أنني أعاقب نفسي
أنني أحفر قبر سعادتي للأيام
حلّت لحظة الفراق.....
وحلّ سكون الحياة المؤقت أو الأبدي -من يدري-
يا ليتني ..لم أدرك السبب الذي أوصلني الى لحظة الفراق
ياليتني..لم أحاول البحث عن أجوبة لفضوليتي....
آآآآه يا زماني ،،،، ماذا فعلت بنا
الى أين ستوصلنا؟
ألم تنتهي عروقك بالنيل من دمائنا؟؟
جميل الخراب الذي خلّفته صواريخك جميل،، جميل السكون الحزين الذي اخترق العظم والتهم الأضلاع
الله عليك يا زمن...أبدعت بالفعل أبدعت
لم أعد آبه ....لم أعد أكترث
لن أستسلم لك أبدا ...لكنني سأعتبر نفسي يوما ما التقيت بك،ولم أصافح كفك الغدّارة
ووعدا مني...أنني سأقتنص هواية..السخرية منك!!!
ولكن ...بالرغم من كل ذلك
تزحف الذكرى ،وتعود لتشدني الى الوراء
ولكن يستحيل الرجوع!!!
لابد السير الى الأمام...اذ أن الرحلة قد انتهت
وبدأت عجلات القطار تدور،وعلا نداء المستقبل
فيا الله املأقلبي صبرا...وصراخي هدوءا
وأناتي راحة...واغمر ياربي روحي ايماناوجلدا