هي ليست مقابر.. لكنها قصور".. لا تملك إلا أن تقول هذه العبارة وأنت تتجول بين المقابر التي أنشأها مسؤولو نظام مبارك وأصهاره لأنفسهم لتكون مثواهم الأخير بعد الوفاة.
فإذا كان من المفترض أن يخلو القبر من أية مظاهر للترف فإنهم اجتهدوا في أن يفعلوا عكس ذلك.وبنيت هذه المقابر على مساحة 120 مترا، رغم أن المساحة الرسمية المخصصة للقبر -وفق النظام المعمول به في مدينة 6 أكتوبر، حيث توجد هذه المقابر- هي 40 مترا فقط.
والمفارقة التي تبدو ملفتة للانتباه، أن هذه المقابر ذات المساحة الكبيرة، يوجد على الطرف المقابل لها مساكن بالمساحة ذاتها -40 مترا للوحدة الواحدة- بنتها الحكومة المصرية للأسر التي أضيرت من انهيار صخرة المقطم قبل عامين من الآن.
ويقول فوزي فتحي، أحد القاطنين بهذه المساكن: "يعني هم سيدفنون في منازل.. ونحن نعيش في قبور".
وليست المساحة الكبيرة فقط هي التي تميز هذه القبور، بل إن الخامات المستخدمة في بنائها جعلتها أشبه بالقصور، وهذا ما يؤكده المتخصص في بناء المدافن أشرف أبو الحمد، والذي اكد للمصدر ان أشهر مقابر "عليه القوم"، كما يسميهم مسؤولوا الدفن بالمقابر المعروفين محليا باسم "التُربية".
وتعتبر مقبرتا مجدي راسخ صهر علا مبارك، وعديله شفيق البغدادي، هما الأشهر، ففي مدخلهما وحدات إضاءة كتلك المستخدمة بالقصور، فضلا عن تشطيبها من الداخل باستخدام الرخام، وبنائها من الخارج بالطوب الحراري والجرانيت.
أما مقابر د. أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء الأسبق والمستشار محمود أبو الليل محافظ الجيزة الأسبق وفتحي سعد محافظ 6 أكتوبر الأسبق، فإلى جانب فخامتها ومساحتها الكبيرة، فإن بها سلالم على مدخلها وأحواض زرع أكلت 6 أمتار من الطريق.
ويحتفظ د. نظيف، وفق مسؤول دفن بالمقابر -طلب عدم نشر اسمه- بمزية مختلفة، وهي أن بناء مقبرته تم تحت إشراف فريق من مهندسي شركة المقاولين العرب.
من ناحيته، وصف د. أحمد عبد الله -استشاري الطب النفسي بجامعة الزقازيق- هذه المقابر بأنها تجسيد لسلوك "المباهاة" الذي استشرى عند أثرياء مصر.
ويقول د. عبد الله: "وفقا لهذا السلوك فإن وظيفة الشيء تتراجع أمام مظهره، فلا يهتم الشخص بأن المقبرة ما هي إلا مكان يواري جسده عند الموت، ويكون حريصا على أن تبدو فخمة".
ويرى د. عبد الله في هذه الفخامة استفزازا لمشاعر محدودي الدخل يولد العنف، وقال: "المسألة أشبه بفتاة في غاية الجمال خرجت إلى الشارع شبه عارية ثم تلوم المتحرشين بها".
عذاب الحب